الاثنين، فبراير ٠٣، ٢٠١٤

شَجَنُ الأشْيـــاء




يابن آدم إن ترض بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك ، و إلا فوعزتى و جلالى لأسلطن عليك الدنيا ، تركض فيها ركض الوحش فى البرية ، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك ، وكنت عندى مذموما "
حديث قدسى


--- 1 ---


قالت : لما ألقاه

سأشد من الآفاق خيوط النورْ
و أضم الوردة للوردة للقمر الأخضر للعصفورْ
أنظمه طوقاً لحبيبى
إذ يرجع من سفر الأحلامِ..
تعانق عيناه عيونى
و تهدهد أحزانى كفاه
لما..
ألقاه
سألملم من ليل شتائى أثواب الريحْ
وقصائص حلمٍ و عبيرٍ يغدو و يروحْ
أصنع أجنحةً لحبيبى
إذ يرجع من سفر الأحلامِ..
حمول العمر على الكتفينِ..
و فى القلب مرارٌ و جروحْ
و فمُ لا يحكى غير الصمت و قصص الـ..
آه
لما ألقاه
سأدير الساعات جميعاً
و أعيد الزمن كما قد كانْ
و أعيد الوطن كما قد كانْ
و أعيد الأشياء جميعاً
لكنى أعترف بأنى..
إذ أفتح حضنى للعائد شبحاً مصلوباً
لا يذكر إسماً أو وطناً أو ذكرى
إذ أخرج صورته الأولى
و أرى الأيام القاسية تشق مرارتها و خواها
فى بسمة من كان حبيبى
أعترف بأنى حينئذٍ
لما..
ألقاه ..
ألقاه و لكن لا ألقاه


--- 2 ---

قال :
لا شئ لنا إلا الذكرى من زمنٍ ماتْ
فى الزمن الميت تتعطل كل الساعاتْ
و لأين سنرحل يا عمرى
و اللحظة دهرُ يسجننا
ما بين ( الآن ) و ماضينا
ما بين ( الآن ) و آتينا
وكأنا ..
فوق صراط الوقت نميل كبندولٍ يتأرجحُ..
بين النار ..
و بين الـ..نارِ
نحاول أن ننقذ يوماً
أو نمسك وقتاً تنزف من يده الأوقاتْ
فى الزمن الميت تتعطل دقات القلبْ
و لأين سنهرب يا عمرى
إذ نحمل أمتعة الأحلام و ما نملك من حبْ
و ندور نفتش عن وطنٍ فى الزمن الصعبْ
نسأله عشاً يجمعنا و طريق أمانْ
و الأرض طريقٌ أضيق من ثقب الإبره
وشتاءٌ فظٌ يلقينا
ما بين دروب المدن / البغضِ
المدن / الكفرِ
المدن الغرقى فى الأحزانْ
آهٍ .. يا عمرى ترفضنا كل الأوطان
ونُطارد فى أركان العالمِ ..
ملعونينِ بكل لغات الأرض الخرساءِ ..
و كل ديانات الآلهة العجماءِ ..
و موصوميْنِ ..
بعار الحلم لحد العشقِ ..
و عار العشق لحد الموتِ ..
و عار الموت من الإيمانْ
ولأينَ ..
سنهرب يا عمرى و العمر عراءْ
إلا أن نكفر بالزمن و بالوطن وبالأشياءْ
أو نأوى لكهوف النسيان ونوقد شمعاً للماضى
كى نجلس ننساه و نبكيه
يسكننا الحزن و نسكن فيه ؟؟!!



--- 3 ---

قالا :
يـــا رب لك العتبى
و لنا ما جادت كفك من آلاءْ
وعلينا ما ينقض أظهرنا من نصَبٍ وعناءْ
غفرانك !! ..
كم قلت :
" سنقرئك فلا تنسى "
فنسينا !!!
لما خفنا أن تشقينا الكلمات و تخذلنا أنفسنا
غفرانك!! ...
كم قلت لنا :
ألا نقرب تلك الشجرة و لنا ما يرضينا
فعصينا
لما أخفقنا أن نعرف ما يرضينا
لكنا حين أكلنا من ثمر الخلد االمسموم بطعم الموتْ
وانكشفت عورات الكون أمام البصر الممتدِ ..
ندمنا
حين رأينا ( شجن الأشياء ) يحاصرنا
و يطل علينا
من صمت الموت لصرخات الميلادْ
من قصف الدانات لأجراس النصرْ
من ذل قيود القهرْ
من دفء اللقيا لسعار الشهوة لسكون البحرْ
من ضحك ربيعٍ عذرىٍ لسعال شتاءْ
يأتينا ( شجن الأشياء )
يتسلل فينا كالأفعى
يملؤنا صخبا وسكونا
يطوينا تحت جناحيهِ
يسلبنا معنى الأحلام و طعم الأيامِ ..
يعرّينـا
يلقينا للّيل الأعمى أحياءً موتىً
موتىً أحياءْ
لا نذكر إسماً أو وطناً أو ذكرى
أشباحاً لا نملك إلا ..
أن نرفع أيدينا للأفق و نهتفُ
ملء عيون الزمن الميْتِ ..
وملء الأوطان المرضى :
يا رب الكون نعوذ بوجهك أن يهزمنا الحزن الساكن فى الأشياءْ
يا رب الكون لك العتبى
حتى ترضى
حتى ترضى

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

Super color scheme, I like it! Good job. Go on.
»