الاثنين، فبراير ٠٣، ٢٠١٤

ليلى الوجوه الأربعة





1 –
الليل من أقصى دروب الحزن جاءْ
نامت عيون مدينتي
مقرورة الأوصال تحت غطاء أمطار الشتاءْ
و طلا الظلام سقوفها البيضاء خوفاً ..
لون حزن القلب في زمن البكاءْ
لون انكسار الحلم في الزمن الكسيرْ
لون الفناءْ
و سرى يعربدُ في الدروبِ ..
و في القلوبِ ..
و في الدماءْ
هرعت جموع الناس للفرش الوثيرة تستجيرْ
هرعت تلوذُ - كما العناكب - بالعراءِ ..
من العراءْ
تركوا المدينة وحدها
للبرد و الليل الضريرْ
ما عاد من أثرٍ هناكْ
إلا .. أنا
وحدي أهيم بلا قرارْ
في الوجه أحزانٌ ..
على الكتفين آثام النهارْ
أمضى ..
أسائل عتمة الليل الأصمِّ ..
أسائل الريح الطريدةَ ..
ضوء أعمدة الإنارةِ ..
و الشوارع و الشجرْ
و أدورُ أبحث عن زمانٍ تاه من ركب العمُرْ
عن نجمةٍ ترنو بأطواق النجاه
عن واحةٍ عذراء ما عرفت بشرْ
و أدورُ ..
ثم أدورُ ..
تسلمني الشوراعُ
للحواري
للأزقةِ ..
للحفرْ
و أتيه ثم أتيهُ
تدميني حراب البردِ
يجلدني المطرْ
أذوى رويداً
أملأ السكك الحزينة ألف جرحٍ
ألف آه
حتى..أراكِ ..
حتى أراكِ على المدينة تشرقين وراء أسوار الحياه
و أرى بعينيك القمرْ
فيذوب من حولي الشتاءُ ..
تذوب أسوار المدينة و الشوارع و الأنينْ
و أراكِ ملء الأفق في ثوب البراءة تخطرينْ
و أرى بعينيك الوطنْ
في الوجه حلماً عاشقاً
في الجيد جوهرة الزمنْ
في الروح عمراً ليس يدركه انكسارْ
في القلب تذكاراً قديمْ
و أراكِ أنتِ ..
كما افترقنا منذ آلاف السنينْ
و أنا ..
أعود كما أنا
إسمي :
محمدُ
و اسمك المجهولُ :
ليلى !!
لا تسأليني كيف كنتُ ..
فقد تركت يباب أمسي
و اتخذت هواكِ ظلاّ
و هجرت حزن مدينتي
و عرفت في عينيك من بعد الضياع هويتي
واسمي :
محمدُ
و اسمك المجهولُ :
ليلى !!


2 –
عاد الصباحْ
و استيقظت كل العيون النائماتْ
و تفتح الورد الحزين على نوافذ دور موطننا الحزينْ
و تفتحت كل الجراحْ
و عوت على كل الوجوهِ ..
توضأتْ
صلت لرب العالمينْ
جلست لتفطرَ
تشرب الشاي الردئ
تشاهد الأخبار في التلفاز في كسلٍ
و تبتلع المرار على حبوب الأسبرينْ
نزلت ..
لتزحف في الشوارعِ
في إشارات المرور
و في زحام الحافلاتِ
و في ركام الأمنياتِ
على وجوه السائرينْ
( العابرين كباريَ اليوم الجديد من الأنينِ ..
إلى الأنينْ(
الراحلين بلا تذاكر في قطارات الأسى العاديّ ، و العمر الضنينْ
عادَ الصباحْ !!
و مشيت وحدي بين أكوام العراة الجائعينْ
ورأيت نفس الحزن يرتع في الوجوه
نفس العذاب المستكين
و الكل يمشى في الطريق من الغداة إلى الرواحْ
) يدعونه :
درب الكفاحْ !! )
و الكل يرحل للنهاية دون زادٍ أو رفيقْ
و مضيت وحدي
أنبش الآفاقَ ..
أبحث في عيون الشمسِ ..
أستجدى البريقْ
و عبرت بين العابرينْ
و بحثت بين قوافل الــ .. أرباع أمواتٍ هنا ..
أنصاف أمواتٍ هناكَ .. و في النهاية ميتينْ
و بحثتُ ..
ثم بحثتُ ..
لكن ما وجدت بآخر الدرب الضنين سواك ليلى
تتألقين كما السراب ..
و تملئين الأفق أحلاماً و فلاّ
تتنزّلين كما الحياة على احتضارات القلوبْ
تترنمينَ ..
فتزرعين الأفق أنغاماً تدورُ ..
نرى النهار غدا .. نهاراً
و الورود غدت وروداً
و امتداد الأفقِ
لون النيلِ
شقشقة الطيور العائدات
الذكرياتِ
الأمنياتِ
أغانيَ الماضي الجميلِ ..
غدت ربيعأ ضاحكاً بين الدروبْ
و أنا ..
غدوت كما أنا
إسمي محمد و اسمك المجهول ليلى
لا تسأليني كيف كنتُ
فكل موت الأمس ولّى
مدى إلىّ يديك إني
قد هجرت حقيقتي
و عرفت في عينيك من بعد الضياع هُويّتي
و اسمي
محمد
و اسمك المجهولُ : ليلى


3 –
عبر النهارُ .. مشوه القسمات وانطمر الشعاعْ
عاد الجميع ككل يومٍ للمدينة متعبينْ
عادوا كما ذهبوا جياعْ
و تجمعوا وسط المدينة كالسكارى..
حمحموا مثل الجيادْ
و تلفتوا..
صرخوا جميعاً
أرجفوا الجدر الحزينةِ ..
زلزلوا قلب المدينةِ ..
دقت الأجراسُ ..
و انفتح االمزادْ ّ!
و تفتحت ..
كل الشوارع و الحواري ،
و المدارس و المساجد و الكنائس ،
و الضمائر و القلوبِ ،
تفتحت كل الندوبِ ،
تفتحت كل القلاعْ
و علا النقاشُ ..
فأرعد السادات وقتاً
أرجف القادات وقتاً
أخرس الكل الرعاعْ
حمى الوطيسُ ..
و جاء أصحاب الجلالة و الفخامة و السموِ ..
و جاء أصحاب و الوضاعة و الحقارة و الدنوِ ..
و جاء أتباع اليمين ..
و جاء أتباع اليسارِ ..
و جاء أمن الدولة ( الفاشست و المتأمركونَ )
و جاء نواب القروضِ
و جاء أذناب اليهودِ
و جاء .. من قد جاءَ ..
و احتدم الصراعْ
و الكل أسكره الجنونْ
و الشر يزأر فى العيونْ
و رأيت بلدتنا .. تباعْ
و رأيت أنهار الدماء تدنس الوطن الطهورْ
و رأيت جند الخوف ترتع وسط أمواج الشرورْ
) و الليل باقٍ لا يدور)
و مضيت أبحث عن طريقٍ للنجاه
عن وجه ليلى في الظلامِ ..
يطل فوق مدينتي من خلف أسوار الحياه
و بحثتُ
ثم بحثتُ ..
لكن ما وجدتك غير أشلاء ممزقةٍ على نهر الطريقْ
و بحثتُ
ثم بحثتُ
لكن ما وجدتك غير عمرٍٍ ضائعٍِ
و زمان أحلامٍ أًريقْ
و بقيت وحدي
فيك يا بلد البراءة و الهوى
و المجد و الماضي العريقْ
من أين يأتي الحب فيك و كل ما نحياه ضاعْ
من يأتي الحب فيك و كل من أحببتهِ ..
قد باع حبك حين باعْ
قد باع عرضك حين باعْ
من أين يأتي الحب فيكِ ..
و ها أنا ألقاكِ .. ليلى ؟!!
في المواخير الرخيصة تحت أحذية الجناةِ
و ملء كاسات الطغاه
و أراك في ثوب البغايا ترسفينْ
و أرى بعينيك الـ .. وطن ؟؟
في الوجه أصباغاً رخيصة
في الجيد طوقا من عطنْ
في الروح قبح الجرح تنهشه النسورْ
في القلب ماضٍ مات من زمنٍ بعيدْ
و أراكِ ..أنت و لا أراك كما افترقنا
منذ آلاف السنينْ
و أنا ؟
أعود كما .. أنا
و حدي أهيم بلا قرارْ
في الوجه أحزانٌ
على الكتفين آثام النهارْ
أمضى أسائل عتمة الليل الأصمّ
أسائل الريح الطريدة و الشوارع و الشجرْ
و أدورُ أبحث عن زمانٍ تاه من ركب العمُرْ
عن نجمة ترنو بأطواق النجاه
عن واحةٍ عذراء ما عرفت بشرْ
و أدورُ ..
ثم أدورُ ..
تسْلمني الشوراع للحواري للأزقةِ للجوى
للموتِ لليوم الجديدِ و يأس قلبٍ لست أدرى منتهاه
و أتيهُ
ثم أتيه
تدميني حراب البردِ
يجلدني المطرْ
أذوى رويداً
أملأ السكك الحزينةَ
ألف جرحٍ
ألف آه ..


4 –
مأساتنا اليوم انتهت يا أصدقاءْ
فامضوا جميعا للبيوت و غيروا أثوابكم
أو قبلوا أبناءكم
أو ضاجعوا أوهامكم
وغداً ..
نقص حكايةً أخرى
عن الغيلان و العنقاء و الخل الوفيّ
و عودة الوطن الشهيد إلى الحياةِ
بلا عناءْ

فإلى لقاءْ !!

9 / 1 / 2002

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

سيد،
يا رفيق الحرف..

ربنا يحدفك بطوبه مكتوب عليها اسمي - كإحدى علامات قيام الوشاية.

استفتحت صباحي بوصلة موقعك، فوجدت لوحة فضت بكارة الصباح الخجول. شممت في اللوحة رائعة سلفادور دالي، ودت أجن حتى أتأكد إن كان هذا التوقيع أسفل الصورة توقيعه أم لا - لأن عهدي بتوقيع سلفادور دالي غير ذلك، ودائما على اليسار.

مهما كان.. حقدت عليك يا سيد وانتهى الأمر!

نأتي للقصيدة.

لا أنكر، قرأتها قراءة نصف سارحة ونصف متأملة في ملكوت الله..
وأعود فأقول إني أعجب بنصوصك عندما تأتي على هواي المعقد بعقدة التفاعيل والأوزان والموسيقى الداخلية والخارجية ترقصان الفالس معا!

آآخر مقطع في النص - قبل إلى اللقاء اللي لاطشها من "إلى الملتقى" يا حرامي يا سيد!! - اشتممت رائحة ابن دنقل. حسنا ليس بالضرورة كل كاتب كتب كلمة نعلقها في رقبة من سبقه. لكن حاسة الشم عندي عالية اليوم!

سأعود لنصك مرة أخرى. لآخذ بثأر دالي!

HIMZELF! يقول...

انا معنديش كلام اقولة,ممكن أصفر
!
انا كمان زي امل..أعجب بنصوصك عندما تأتي على هواي المعقد بعقدة التفاعيل والأوزان والموسيقى

محمد سيد حسن يقول...

أمل

يا عمتي ..

لا أعلم شيئا عن اللوحة لأني لطشتها كالعادة وكبقية اللوحات والصور هنا من الأخت القاصة تيماء القحطاني

عموما أهلا بك دائما ولم أقرأ " إلى ملتقى " أمل دنقل هذه ومستعد أساءل أمام محكمة دولية


عموما إبقى تعالي ومستنسيش المقلوبة

غير معرف يقول...

This site is one of the best I have ever seen, wish I had one like this.
»

غير معرف يقول...

What a great site, how do you build such a cool site, its excellent.
»