الاثنين، فبراير ٠٣، ٢٠١٤

بورتريــه



إلى يتيمة




رأيت الكثير من خيول بيضاء ساحرة، لكن ميته تفترش الشوارع. و الظلام يبتلع الكون و أحدهم يصرخ في الناس "لا نهار/نور بعد اليوم
من قليل من قليل للقاصة تيماء القحطاني


في المنفى
ليلٌ يحتضن حديدا لا يصدأ وقلوبا ملحية
لا نورَ/ نهارَ من اليوم..
يضيء القمر بنفس القدرة تقريبا للشعراء المنسيين وللرهبان ولتماثيل المتحف ولبنات الليل المعروضات على الحارات الخلفية ولمحترفات الماستر كارد وعبّاد الأصنام العصرية من أبطال البورصة حتى الرجل الوطواط وسوبرمانَ..
لذلك لا تنزعجين كثيرا حين ترين عواميد الضوء تعد عليك الأنفاس وترسل أسماء أحبائك للعملاء السريين، ولا يتفصّد عرقك حين تذاع رسائل حبك في الأخبار بست لغاتٍ وتبث السينمات الليلية آخر أحلامك للعامةِ
هذا ميثاق المنفى
القمر يرى كل الأشياءِ،
وتتحول كل الأشياء لموجاتٍ رقمية

في المنفى
أنتِ، تروحين تجيئين بلا أجنحةٍ وبشكلٍ معتادٍ..
تنسين أناجيل الميلاد وآهات مخاضك فيكِ،
وتنتحلين ثلاثة أسماءٍ
اسمٌ لموظفة شؤون الهجرة تختمه فوق جواز السفرِ،
وآخر للزوج الولهان يضاجعه كل خميسٍ بالعقد الشرعيّ وصك الملكيةِ،
وأخيرٌ لجراد العالم حين يحط على أوراقك ويطارد حتى صلواتك كي لا تصل إلى الله
( أعرف أن هناك اسمٌ محظورٌ تحتفظين به لحبيبك إذ لا يأتي أو لشهادة موتكِ،
أعرف أيضا أنك كل مساءٍ تنتزعين الأوراق الرسمية والأسماءَ،
وتحتملين الأجنحة إلى أسرار حنينك من باب اليمن
لشط النيل
لشجرة مريم
لأذان الفجرِ
لكل أماكن أسطورتك المنسية )
وحدك يا عاشقةً لفراشٍ لا يحترق بنار العشقِ..
ويا سارقةً لورود الفرحة من موت الأيامِ..
ويا عائدةً بجراح الحب ورائحة الأطفال الموتى والأطفال طيور الجنة
وحدك تبكين على ثلج لم يتساقط في رأس السنة الهجرية
في المنفى
كفّك باردة والقنديل يضيء لشيء لا يعرفُهُ
إذ لا يكفي دفء القلب صقيعَ العالم
بشرٌ من غازٍ ولدائنَ
ومدافعُ تختم أفئدة المارة بثقوب البارود،
خيولٌ بيضاءُ تسّاقط في منتصف الدرب إلى آخر دائرة الأرضِ،
كلابٌ تنهش لحم شوارعنا
وتبول على أرصفة الوقت وحلوى الأطفال،
طيور حديدٍ تسقط فوق المدن الحبلى بالذهب وبالأسمنت،
"لا نور / نهار من اليوم " يصيح المارة من خلف الأفئدة المثقوبة
لا نور / نهار

كفّكِ باردةٌ يا أختي؟
في النصف الأبيض من ليل المنفى سيداويك الله.